أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديان حمداش - مصر ما بعد الثورة: ولادة جديدة أم إجهاض مبكر!!!















المزيد.....

مصر ما بعد الثورة: ولادة جديدة أم إجهاض مبكر!!!


وديان حمداش

الحوار المتمدن-العدد: 3630 - 2012 / 2 / 6 - 23:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بيقولك واحد لقي الفانوس السحري ودعكه...طلعله العفريت وقاله: شبيك لبيك تطلب أيه؟ قاله الراجل: أنا عايز كوبري بين القاهرة وأسوان. العفريت قاله: دي صعبة قوي.. نقي حاجة تانية. الراجل قاله: خلاص خلي حسني مبارك يسيب الحكم. العفريت قاله: انت عايز الكوبري رايح جاي؟ ولا رايح بس؟
هكذا كان يصف المصريون "فكرة الرحيل عن السلطة" مجرد حلم يصعب حتى على العفاريت تصديقه أو التفكيرفيه. لم يكن يتوقع أبناء الوطن أن من حكم مصر 30 سنة سوف يتخلى عن الكرسي في بضعة أيام، إلا عندما خرجوا إلى الميادين ليشاهدوا بأم عينهم تلك اللحظة التاريخية---لحظة ساهم في رسم ملامحها زين الهاربين بن علي، عندما قال "فهمتكم" وحزم أمتعته وتوجه الى السعودية، فتنحيه بهذه الطريقة دق أول مسمار في نعوش الحكام العرب. أما ظاهرة البوعزيزية فقد ساهمت في كسر حاجز الصمت وعقدة الخوف عند الشعوب، وأصبح كل من ضاق به الحال وسئم حياة الذل والمهانة وفشل في إيصال صوته إلى الحكومة الطرشاء، يصب على نفسه ليترا من البنزين ويحرق جسمه لعل أبناء وطنه يعيشون بكرامة من بعده. فأنظمتنا الغير المنظمة أساسا، لا تفهم الدرس إلا في الدقائق الأخيرة من مباراة "الربيع العربي" التي تخوضها الشعوب العربية ضد الفساد وسياسة التجويع وربط الحزام، ضد القمع والتجهيل، ضد الفقر والحرمان من أدنى المتطلبات الإنسانية والعيش أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر.

مصر ما بعد الثورة: المعركة السياسية ووهم التغيير

خاض المصريون الأحرار معركة دامية شاهد العالم أحداثها في ميدان التحرير، مئات من خيرة الشباب قدموا أجسادهم قربانا في سبيل أن تحيا مصر وتبقى أم الدنيا إلى أبد الابدين رغما عن أنف الحاقدين والأعداء. لم تجف دماءهم بعد من الميادين، وبدأت بكل وقاحة محاولات عديدة لإجهاض الثورة أو تحويل مسارها من ثورة شعبية عفوية قادها المواطن المصري البسيط، إلى ثورة المصالح وتصفية الحسابات والبلطجة. فمباشرة بعد سقوط النظام نشأت عشرات من المجموعات والأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة تدعي دورالبطولة في إنجاح الثورة، فالكل لبس عباءة جيفارا وأصبح من شباب التحرير والناطق الرسمي باسم الشعب المصري! والغريب هو فوز الإخوان والسلفيون بأغلبية المقاعد في البرلمان رغم أنهم كانوا يحرمون السياسة ويطالبون بطاعة ولي الأمر في عهد مبارك. ولما العجب فالإخوان والسلفيون يتلونون حسب الحال والأحوال، فهم من وصفوا الثورة بالبلطجة ورفضوا النزول إلى ميدان التحرير في 25 من يناير، وهم اليوم المدافعين عن الثورة بل الممثلين الشرعيين للشعب المصري بعد رحيل النظام!! والحقيقة أن العالم شهد لهم بالكفاءة في ميدان السياسة باتقانهم حرفة الكذب وفن التكفير، هذا ما فعلوه مع رجل الأعمال نجيب ساويرس، حين اتهموه بالعداء للإسلام وأشاعوا بأن حزب المصريين الأحرار هو "حزب الأقباط" وبالتالي فهو رجس من عمل الشيطان وجب على المصريين اجتنابه لعلهم يفلحون. أما شباب التحرير فقد قاموا بتشكيل اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، والتي ضمت فضلا عن"ائتلاف شباب الثورة" خمس مجموعات أخرى: مجلس أمناء الثورة، وتحالف ثوار مصر، وائتلاف مصر الثورة، وشباب 25 يناير، والأكاديميين المستقلين. والعجيب أن أعضاء "اللجنة التنسيقية" كان للأخوان المسلمين حضور قوي بينهم، لكن انقسموا على أنفسهم عندما ظهرت دعوة للخروج في "جمعة الغضب الثانية" في السابع والعشرين من مايو/ أيار، والتي اتهمها الإخوان بأنها "جمعة الوقيعة بين الشعب والجيش"!!!

هذا هو المشهد السياسي في مصر، مشهد مبهم ومشوه الملامح—ليس هناك برنامج انقاذ وطني موحد يخرج البلد من حالة الإحتقان والفوضى وينقذها من لعنة الإفلاس. فجل الأطياف السياسية تدعي أنها تعمل لخدمة مصر لكنهم للاسف اتفقوا ألا يتفقوا حتى في وقت الشدة (الكل يشوه صورة الاخر من أجل السلطة) بدون ضابط أو رابط أو وجه حق، ما دفع السيد محمد البرادعي مؤخرا إلى إعلان انسحابه من سباق العمالقة، قرار وصفه بعض الناشطين الليبراليين ب"نكسة إستراتيجية" لكنني أراه قرارا حكيما، فالرجل اتهم بالعمالة لأمريكا والكفروالإلحاد ولم تسلم أسرته من التشويه المتعمد، كل هذا ولم يدخل المعترك الإنتخابي بشكل رسمي، ولما المجازفة والجواب يقرأ من عنوانه!!!

مصر ما بعد الثورة: إعلام جديد بثياب قديمة

بعد تنحي مبارك عن الحكم وسقوط النظام، سقط معه بوق الإعلام الرسمي، لكن ولدت العشرات من القنوات الفضائية لا نكاد نعلم عن مؤسسيها ومصادر تمويلها أو أهدافها شيئًا. ومن المعروف أن القنوات الفضائية بشكل عام تحتاج إلى مبالغ طائلة من أجل استمرارها، لكن المثير للجدل هو أن معظم القنوات الوليدة لا تحقق أي أرباح تؤهلها لتكون مشاريع اقتصادية ناجحة. هذا ما أشار إليه الإعلامي سيد الغضبان عندما قال "إن مصادر تمويل القنوت الفضائية في مصر غير معروفة ، فمعظمها لا يمتلك حصص إعلانية مسبقة لتكون أحد مصادر تمويله...فالقنوات الفضائية تحتاج إلى تمويل ضخم، وجميعها خرجت مؤخرًا في شكل غامض انعدمت فيه الشفافية." وطالب بإنشاء جهاز مراقبة لمعرفة مصادر التمويل وإصدار تشريعات تحمي المشاهد من خلال نقابات مهنية قوية. ووافقه في هذا الرأي الكاتب والصحفي عبد الله السناوي قائلا "ما هو غير طبيعي في هذه الفورة الإعلامية هو رأس المال الأجنبي الذي تمَّ ضخه لوسائل الإعلام في مصر، لأسباب سياسية فقط وليست اقتصادية، وتابع "لا بد من وضع قواعد لاستخدام المال السياسي.. لكي تعبر المنابر الإعلامية عن الواقع المصري فعلاً". إن المشكلة الحقيقية في الواقع تتجلى في مضامين البرامج والأخبار التي تبتها بعض القنوات، فمعظمها يصب في زعزعة الأمن المصري، وتشويه صورة الثوار، وإثارة الفتن والفرقة بين أبناء الوطن الواحد. أما الإعلام الرسمي فهو لازال يلعب دور "الأطرش في الزفة" وانتقل من مرحلة (محامي الدفاع عن النظام السابق) إلى مرحلة (بوق نظام العسكر) وتلميع صورته التي تشوهت في قلوب وعقول معظم المصريين، بسبب ما تعرض له المحتجون السلميون من "استخدام مفرط" للقوة في الميادين ( قنابل المولوتوف والرصاص الحي) ولا ينسى أحد صور الإعتداء على الفتيات والكشف عن عذريتهم، مشاهد لم نراها أو نسمع عنها من قبل. لا أحد ينكر بالطبع فضل الجيش في إنجاح الثورة وتعاطفه وانضمامه إلى شباب التحرير والضغط على نظام مبارك للرحيل، لكنه اليوم فقد تأييد واحترام معظم الشعب المصري بسبب نهجه لسياسة العصا الغليظة التي سلكها سلفه وعدم قدرته على تسيير شؤون البلاد. الأمر الذي دفع الكثيرون للمطالبة برحيله والبدأ في تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تضم شخصيات وعناصر تعبر عن روح الثورة لمواجهة التحديات التى يواجهها الوطن.

إن مصر تمر بأوقات عصيبة وقد تعلن إفلاسها في ايت لحظة والمطلوب من المصريين الشرفاء مهما اختلفوا في الرأي أن يفكروا في مصلحة البلد أولا وأخيرا، فمصرلازالت تعيش حالة فوضى غير مسبوقة، فوضى تضرب شوارع البلاد وأحياءها ومدنها ومؤسساتها، فوضى بدأت يوم تامر المتامرون بسحب قوات الأمن يوم 28 كانون الثاني (يناير) وخلفت فراغا أمنيا لازال المواطن المصري يحصد نتائجه لحد الان. وما لايختلف عليه اثنان هو وجود جهات تروج للبلطجة وتدفع بسخاء للمخربين كي يفسدوا فرحة أو يبطلوا إنجازاً، والكل يتذكر حادث الإعتداء على السيد البرادعي أثناء الإستفتاء، وإفساد ندوة عمرو موسى في ساقية الصاوي،واقتحام جمهور نادي الملعب قبل نهاية مباراة كرة القدم السنة الماضية بدون أي سبب، وهاهو نفس السيناريو يتكرر اليوم في محافظة بورسعيد حيث قتل العشرات من المواطنين بدون اي وجه حق، جمهور يعتدي ويدمر ويبلطج في غياب واضح للأمن، وتظاهرات فئوية عمت البلاد ( بسبب أو بدون) تعطل مصالح الناس وتوقف عجلة الإنتاج، فالثورة الحقيقية والعفوية انطلقت من ميدان التحرير، أما اليوم فهناك ميدان للسلفيين وآخر للإخوان وثالث لليبراليين، وغيرها من الميادين التى يصعب معها الإفاق على برنامج وطني موحد يخرج البلاد إلى برالأمان. ولازالت هناك جهات تسعي إلى إجهاض الثورة، ويساعدهم في ذلك الإعلام الفاسد، الذي يروج للخوف ويستدعي الماضي ويلمح إلى "نعمة الإستقرار في عهد مبارك"!

ووسط هذا المشهد المخيف والذي لا يبشر بالخير، لازال الإختلاف قائم بين أبناء الوطن الواحد حتى في كيفية الإحتفال بمرور أول سنة على الثورة، وليس عيبا أن يختلف المصري مع أخيه اذا كان الإختلاف يصب في مصلحة الوطن، لكن مصر اليوم لم تعد تحتمل المزيد من الخلافات فهي في حاجة الى حب أبناءها الذين أكلوا من خيرات أرضها وشربوا من نيلها ولعبوا في أزقتها وشوارعها ، تحتاج إلى اهتمامهم وتضحياتهم كي تولد وتحيا من جديد.



#وديان_حمداش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإحتباس الحراري: أخطر من الإرهاب!!!
- في ذكرى شهداء كنيسة القديسين: لا للطائفية والتقسيم
- الحجاب والسفور: معركة الربيع العربي الجديدة !!
- ديمقراطية البطون الجائعة!!!
- مقتل القذافي وشبح بناء الدولة
- الصومال والموت البطيء
- إيران والثورات العربية


المزيد.....




- -أخطر مكان في العالم-.. أكثر من 100 صحفي قتلوا في غزة منذ 7 ...
- 86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأم ...
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديان حمداش - مصر ما بعد الثورة: ولادة جديدة أم إجهاض مبكر!!!